عقب تحقيق المقاومة الفلسطينية إنتصاراً تاريخياً فى عملية طوفان الأقصى يوم ٧ اكتوبر ٢٠٢٣، ونجاحهم فى السيطرة على العديد من مواقع الجيش الاسرائيلى، وأسرهم عدد كبير من الجنود الإسرائيليين والدخول بهم إلى داخل غزة، وحصولهم على مجموعة من الألآت والمعدات العسكرية الإسرائيلية، تحول جيش الإحتلال الإسرائيلى الذى روجت له الدعاية الصهيونية العالمية بأنه جيش لا يقهر إلى جيش من الورق، وتوقف قطار التطبيع مع إسرائيل، وإنهار مخطط الشرق الأوسط المعد لتحقيق المصالح الأمريكية والإسرائيلية فى المنطقة .. فأصاب الأمريكان الذهول والجنون، وسارع أركان النظام الامريكى سواء وزير الدفاع الامريكى ووزير الخارجية بالذهاب الى تل أبيب برفقة شحنات كبيرة من القنابل والصواريخ والمعدات العسكرية وتبارو فى إبراز إنتماءاتهم الصهيونية، وإنهمرت المساعدات العسكرية وغير العسكرية والاموال على الكيان الصهيونى من بعض الدول الإمبريالية على مستوى العالم .. مما شجع نتنياهو والوزراء والعسكريين المتطرفين بضرب حصار ظالم على الشعب الفلسطينى فى غزة وحظر دخول الغذاء والدواء لهم، ثم شن حرب إبادة وتطهير عرقى وتهجير قسرى، تمهيداً لمحو القضية الفلسطينية والاستيلاء على كامل الاراضى الفلسطينية والقضاء على حلم الدولة الفلسطينية، وذلك لإقامة دولة اسرائيل الكبرى من النيل الى الفرات .. والأمر المحزن عدم فطنة بعض الدول العربية للمخطط الصهيونى، وإستمرار الدول العربية المطبعة مع الكيان الصهيونى فى التطبيع، وعدم تقديم المساعدة والمساندة من الدول العربية والإسلامية للمقاومة والشعب الفلسطينى فى غزة، وهذا ساعد جيش الكيان الصهيونى على إرتكاب العديد من المجازر وحرب إبادة ضد شعبنا العربى الفلسطينى .
ولكن هذه المجازر الصهيونية أثارت الرأى العام العالمى وفى القلب منه التحركات الطلابية فى كافة الجامعات العالمية وعلى الأخص الجامعات الامريكية ، مما يذكرنا بالتحركات الطلابية والعالمية فى عام 1968 تاييداً للشعب الفيتنامى فى كفاحه ضد الإمبريالية الأمريكية .. فوجدنا على مدار الأسابيع الماضية الإعتصامات الطلابية ونصب الخيام فى بعض الجامعات الأمريكية تضامناً مع الشعب الفلسطينى لوقف حرب الإبادة ضده والمطالبة بوقف الدعم للجامعات الإسرائيلية ، ونتيجة لتدخل رجال الشرطة إمتدت الإحتجاجات من لوس انجلوس الى نيويورك وواشنطن مروراً بأوسن وبوسطن وشيكاغو وأتلانتا، وشملت الإعتصامات والمظاهرات جامعات أمريكية مرموقة عالمياً مثل هارفارد وبيل ويرنستون، مما أربك الإدارة الأمريكية، وعقب اعتقال 200 متظاهر بعد تفرقة الشرطة مخيم إحتجاج أقيم فى حرم جامعة كاليفورنيا بلوس انجلوس قال بايدن إن الإحتجاجات الطلابية المستمرة فى الجامعات الامريكية فى جميع أنحاء الولايات المتحدة بشان الحرب على غزة تدفعه إلى إعادة التفكير فى السياسة الامريكية فى الشرق الأوسط، وأكد دفاعه عن الحق فى التعبير وحث المتظاهرين على احترام القانون، وساعدت الإحتجاجات فى جامعة كولومبيا فى إثارة حركة طلابية أكبر على مستوى جامعات العالم، بعد أن إستدعت رئيسة الجامعة شرطة نيويورك للتدخل وإنهاء إعتصام الطلاب بالقوة لانهم رفضوا المغادرة وإنهاء الإعتصام .. ثم أمتدت المظاهرات الطلابية التضامنية مع غزة لتصل إلى الجامعات فى المكسيك وفرنسا وبريطانيا وسويسرا وأستراليا والهند .. ففى المكسيك تجمع عشرات الطلاب المؤيدين للفلسطينيين من الجامعة الوطنية المستقلة فى المكسيك وهى أكبر جامعة فى البلاد تضامناً مع الشعب الفلسطينى مطالبين بسحب الإستثمارات من أى شئ يدعم الفصل العنصرى الإسرائيلى والإستيطان غير القانونى وإنهاء الشراكة مع المؤسسات الأكاديمية الإسرائيلية .. وأمتدت الإحتجاجات إلى العديد من الجامعات فى فرنسا ومنها جامعة السوربون مطالبين ماكرون بالتدخل لوقف الحرب، وأضرب عن الطعام طلاب جامعة العلوم الساسية فى باريس تضامناً مع أهالى غزة، وشوهدت الشرطة الفرنسية وهى تدخل المبنى الرئيسى لجامعة سانيس وتخرج منه العديد من المتظاهرين والذى بلغ عددهم 700 شخصاً .. وأمتدت الإحتجاجات الى الجامعات البريطانية وأنشأ الطلاب معسكر فى ساحة جامعة وارويك فى مدينة كوفتترى لمده أسبوع ، كما نصب الطلاب خياماً فى ليدز ونيوكاسل وبرلستون خارج مبانى الجامعات، وطالبوا بوقف حرب الإبادة وأن تتوقف الجامعات عن الإستثمارت فى الجامعة الإسرائيلية، ونصب الطلاب البريطانيون فى كلية لندن الجامعية ما يقرب من 15 خيمة وطالبوا بسحب الإستثمارت من الشركات التى تزود إسرئيل بالسلاح وإدانة جرائم إسرئيل والتعهد بإعادة بناء جامعات غزة .. وفى الجامعة الوطنية الاسترالية قام متظاهرون تعاطفوا مع الشعب الفلسطينى بزراعة شجرة زيتون فى مروج الحرم الجامعى، وفى لوزان أكبر مدينة سويسرية أقيمت نحو مائة خيمة فى مدخل مبنى فيوتوليس فى جامعة لوزان .. وفى جامعة جواهرلا نهرو فى نيودلهى نظم الطلاب إحتجاجات تضامنية مع الشعب الفلسطينى .. وما زالت التظاهرات الطلابية ضد المجازر التى ترتكبها إسرائيل وتضامناً مع الشعب الفلسطينى مستمرة حتى اليوم .
وهكذا نجد أن المظاهرات والإحتجاجات التضامنية مع الشعب الفلسطينى فى غزة على خطى المظاهرات العارمة التى إندلعت فى مارس 1968 فى فرنسا ضد الحرب الأمريكية على فيتنام، وقوبلت بعنف شديد من الشرطة، مما أدى إلى إشتعال الموقف وزادت الإحتجاجات لتعم معظم الجامعات والمدارس فى فرنسا، وإنضم إليها العمال، حيث قام ما يقرب من 11 مليون بالإضرابات، مما أضطر الرئيس الفرنسى شارل ديجول الى الفرار إلى ألمانيا .